المؤرخ العراقي فاضل الربيعي يفكك السرديات التاريخية التقليدية بمدينة العرائش



المؤرخ العراقي فاضل الربيعي يفكك السرديات التاريخية التقليدية بمدينة العرائش
  بدرالدين الخمالي 

لم يتوانى المؤرخ و المفكر العراقي الدكتور فاضل الربيعي صاحب كتاب (القدس ليست أورشليم ) كعادته المعرفية عن ممارسة الغوص النقدي و خلخلة المفاهيم و الاصطلاحات و مجابهة الأمواج المتلاطمة للسرديات التاريخية التقليدية و تفكيك بنيتها المفاهيمية و أسسها المرجعية.
ففي محاضرته الافتتاحية بالدورة التكوينية التي نظمها مركز خطوة للدراسات و الأبحاث في العلوم الإنسانية و الاجتماعية بالشراكة مع مركز تكامل المعارف للدراسات و شعبة التاريخ و الحضارة بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بتطوان و جمعية رؤية و جمعية قطار المستقبل بالعرائش حول الكوديكولوجيا و علم التحقيق و الفهرسة بفضاء المركز السوسيو ثقافي- ليكسوس بالعرائش - يومي 28 و 29 دجنبر 2019
عمد المؤرخ العراقي السجالي إلى تسليط الضوء على مجموعة من القضايا الإشكالية المتعلقة بالوثيقة التاريخية و الرواية التاريخية من خلال عدد من النماذج المنتقاة من التاريخ القديم و التاريخ الإسلامي.
داعيا الباحثين في مجال التاريخ و علم تحقيق المخطوطات و الوثائق إلى عدم الاستسلام أمام الوثيقة التاريخية و ضرورة التعامل معها برؤية نقدية و عدم الاستسلام أمام المرويات التاريخية التقليدية و نزع القداسة عنها و ضرورة التمييز بين المفاهيم و الاصطلاحات و التدقيق حول أسماء الشخصيات التاريخية.
وفي هذا الصدد فقد وقف طويلا عند الخلط الذي يقع فيه كثير من الباحثين في التاريخ الإسلامي حول شخصية محمد ابن جرير الطبري صاحب تفسير ابن جرير و بين الطبري صاحب تاريخ الأمم و الملوك المعروف بتاريخ الطبري إذ هما شخصيتان مختلفتان في حين يظن الكثيرون أنهما شخص واحد حيث لاحظ المؤرخ فاضل الربيعي أن الطبري مؤلف تاريخ الأمم و الملوك كثيرا ما يمزج بين التاريخ و الأسطورة فتاريخ الطبري هو نص يتداخل فيه النص الميثولوجي مع الخبر التاريخي و لذلك دعا إلى ضرورة التمييز بين الخبر التاريخي و الأسطورة من خلال تسليط الضوء على قصة الملك سابور ذي الاكتاف.
وهذا النوع من الخلط بين الأسطورة و الخبر التاريخي نجده في المرويات التوراتية و المسيحية التي تأثرت بشكل كبير بالسياقات السياسية و بالتصورات الإيديولوجية التي تعمل اليوم على استغلالها من اجل الاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني و تدمير الهوية و الذاكرة الفلسطينية.
كما دعا الدكتور فاضل الربيعي الباحثين في التاريخ القديم إلى ضرورة التمييز بين الشخصيات التاريخية و الشخصيات الدينية و عدم الاستسلام إلى الأطروحات الاستعمارية.
كما حض الباحثين على الاهتمام باللغات القديمة و معرفتها و تطوير اهتمام خاص بالجغرافيا و ضرورة معرفة الخرائط و أسماء الأماكن و أسماء الأشخاص و القبائل و دلالتها اللغوية و تطور استعمالاتها.
و في الختام دعا الباحثين إلى عدم الاستسلام لنتائج الدراسات السابقة و التعامل معها بمنظار الناقد و خاصة في مجال الاركيولوجيا إذ أن اغلب الدراسات الاركيولوجية التي قام بها الاروبيون في القرن الثامن عشر و التاسع عشر كان يقوم بها مبشرون و خريجو المعاهد اللاهوتية حيث لم يكونوا يخفون أغراضهم الاستعمارية وراء الدراسات و البحوث و أعمال التنقيب التي كانوا يقومون بها و في المقابل يجب مقاربة الروايات و السرديات التاريخية على ضوء اللقى و الآثار التاريخية و تمحيصها استنادا الى الدراسات العلمية و الاركيولوجية الدقيقة و الموضوعية
.

Commentaires