احتفالات قبيلتي الخلوط و الطليق
بموسم عاشوراء
بدرالدين الخمالي
الصورة المرافقة هي لاطفال و عدد
من الاهالي يحتفلون بموسم عاشوراء بمدينة القصر الكبير ابان بداية فترة الاحتلال
الاسباني- المصدر موقع todocoleccion
يعتبر الاحتفال بموسم عاشوراء و
المولد النبوي الشريف من أهم الأحداث الاجتماعية التي ميزت التاريخ الاجتماعي
لقبيلتي الخلوط و الطليق بحيث كان أهالي القبيلتين يفردون عناية خاصة لهاذين
الموسمين لما لهما من دلالة دينية و روحية و لما يتميز الاحتفال بهما من طقوس و
عادات اجتماعية بقيت راسخة في القبيلتين لمدة عقود.
و بخلاف العيدين ( عيد الفطر و عيد
الأضحى) اللذان يحتفلان بهما بمضارب القبيلة و دواويرها فان احتفالات القبيلتين
بموسم عاشوراء و عيد المولد النبوي الشريف كانت تتم بمدينة القصر الكبير.
ولازالت العادة إلى حدود اليوم عند
كثير من أهالي قبيلتي الخلوط و الطليق تقتضي النزول إلى مدينة القصر الكبير بموسم
عاشوراء للتسوق و شراء حلوى عاشوراء و الكسوة و الألعاب للأبناء.
أما الاحتفالات فيما مضى فقد كانت تأخذ
طابعا دينيا و فلكلوريا خاصا حيث كانت تقتضي النزول الجماعي للطلبة و لحفاظ القران
من القبيلتين إلى مدينة القصر الكبير في
موكب تتقدمه الرايات و فرقة الغياطة الفلكلورية.
بينما يتولى أمر كل فريق من فرق
الطلبة مقدم (مقدم الطولبة) الذي يعرف عنه قدم السبق في حفظ القران الكريم و معرفة
المتون و حفظ الأذكار و الامداح النبوية بالإضافة إلى حسن سمعته و أهليته و
احترامه و تقديره من قبل أهالي القبيلة.
ومن أشهر مقدمي الطلبة بقبيلة
الخلوط نذكر المقدم الفقيه السي بن سليمان الطاجني من دوار الطواجنة و الفقيه السي
احمد بن محمد العربي الخمالي وكلاهما عاصر فترة تولي المولى عبد العزيز.
و قد كان نزول طلبة القبيلتين
للاحتفال بمدينة القصر الكبير يتم في يوم التاسع من محرم و يستمر لثلاثة أيام حيث
ينزل طلبة قبيلة الخلط بحومة الشريعة بينما ينزل طلبة قبيلة الطليق بحومة باب
الواد و يرجع ذلك الى كون أن سكان قبيلة
الخلوط يستقرون شمال مدينة القصر الكبير فهم يقدمون من ريصانة و ضواحيها و يجتمعون
بسوق الطلبة الذي كان ينعقد يوم الجمعة ثم يتقدمون بالموكب في اتجاه المدينة حتى
يصلوا إلى جامع مدخل المدينة من جهة ضريح الولية الصالحة لالة رقية ثم ضريح الولي
الصالح سيدي علي بوغالب ثم ضريح الولي الصالح سيدي علي بن فريحة ثم ضريح الولي
الصالح سيدي بوحاجة و منه إلى جامع السعيدة حيث يعتبر مكان تجمع طلبة قبيلة الخلط
طيلة موسوم الاحتفال حيث يقيمون في المنازل و الزوايا المجاورة للمسجد ومنها زاوية
سيدي عبد الله المجول و حومة المجولين التي كان يوجد بها منزل الفقيه العلامة سيدي
امحمد بن القاضي سيدي عبد القادر الخمالي ويطل على فناءها.
أما طلبة قبيلة الطليق التي تقع
مضاربها جنوب مدينة القصر الكبير فيدخلون من باب الواد إلى المسجد الأعظم لمدينة
القصر الكبير و حومة الديوان حيث يوجد مقر سكنى قائد قبيلة الطليق السي بوسلهام بن
الهرادية.
تبدأ الاحتفالات بتوجه الطلبة
للحمامات البلدية للاغتسال و التطيب و الاستعداد للاحتفال حيث يتوجه طلبة قبيلة
الخلط لحمام سيدي الهداجي بالمرس بينما يتوجه طلبة قبيلة الطليق لحمام سيدي ميمون
بباب الواد ثم يتم الاحتفال من خلال التجمع بساحات كل من جامع السعيدة و المسجد
الأعظم بعد صلاة العصر حيث يتم قراءة السلكة و إخراج اللطيف ثم بعد ذلك الحضرة
التي غالبا ما كانت تصاحبها الغيطة و الطبل إلى أن يؤذن المؤذن لصلاة المغرب.
ثم تقام ليالي الذكر بعد أذان
العشاء حيث تتلى الأذكار و الامداح النبوية و في الغد صباحا تذبح الذبائح و يعد
الطعام للطلبة و للفقراء و المساكين ثم يتم التسوق و شراء الحاجيات و الترويح عن
النفس ثم العودة في المساء لاماكن التجمع المعتادة.
وفي الغد يغادر موكب كل قبيلة من
الناحية التي دخل اليها المدينة في اتجاه الدواوير و المضارب التي ينتمي إليها
الطلبة بصحبة فرقة الغيطة و الطبالة التي رافقت طلبة كل قبيلة طيلة موسم الاحتفال.
وقد أشار الاستعماري ميشو بلير
بشكل مختصر في دراسته حول القبائل العربية بحوض اللكوس إلى هذه العادة الفريدة
التي كانت تتميز بها القبيلتين و ارتباطهما بمدينة القصر الكبير من خلال مناسبتي
عاشوراء و المولد النبوي الشريف.
ولازال كثير من أهالي قبيلتي
الخلوط و الطليق إلى حدود اليوم مرتبطين بشكل كبير بمدينة القصر الكبير خلال فترة
الاحتفالات بموسم عاشوراء و المولد النبوي الشريف لما تشكله مساجدها و أضرحتها و
حوماتها من بعد روحي و ديني في الذاكرة الجمعية للقبيلتين و تراثهما الغير المادي.
Commentaires
Enregistrer un commentaire