تمرد قبيلتي الخلوط و الطليق على
المولى عبد الرحمن (عيطة الفراجي )
بدرالدين الخمالي
ظلت قبيلتي الخلوط و الطليق طيلة
عقود خاضعتان لايالة الباشا بوسلهام بن علي ازطوط التي كانت تضم معظم قبائل و مدن
الجهة الشمالية الغربية بما فيها سهل الغرب إلا انه بعد وفاته سيعمد المخزن الى إعادة
تنظيم و تقسيم هذه الولاية الكبيرة من جديد.[1]
و هكذا أسندت باشوية مدينة القصر
الكبير و قيادة قبيلتي الخلوط و الطليق للقائد محمد بن عبد السلام الحارثي العودي
السفياني الذي ينتمي إلى أسرة بن عودة المخزنية الشهيرة من بطن بني الحارث
السفيانية الهلالية.[2]
ونظرا للعداوة التاريخية القائمة
بين قبيلتي الخلوط و الطليق و قبيلة سفيان الجشمية فقد رفض أعيان القبيلتين توليته
عليهم واعتقدوا بان في هذا اهانة لهم و تبعية لقبيلة سفيان التي بينهم وبينها
منافسة و ثارات و عداوات سابقة.[3]
فلما بعث المولى عبد الرحمن رسالة
تعيين القائد الجديد قام القاضي السي عبد الله الفيلالي بجمع أعيان مدينة القصر
الكبير و قبيلتي الخلوط و الطليق بمسجد جامع السعيدة و تلا عليهم رسالة السلطان
المولى عبد الرحمان انتفضوا و رفضوا تعيين القائد السفياني عليهم و انضم اليهم أهالي
مدينة القصر الكبير.
وكان ممن قاد الانتفاضة كل من
بوسلهام الكرط الخلطي و العماري و موسى الرغامي و الحلوفي و عبد الكريم الخياط حيث
جمعوا عليهم كل الخلوط القاطنين بمدينة القصر الكبير و الأهالي و أعلنوا عصيان اوامر
السلطان المولى عبد الرحمن المتعلقة بتعيين القائد الجديد.[4]
فأمر المولى عبد الرحمان قائد
احواز مدينة فاس الفرجي البخاري الذي تنسب اليه نزالة الفرجي قرب عين رأس الما بوادي
فاس بالمسير نحو مدينة القصر الكبير للقضاء على التمرد الذي نشب بها فجهز لذلك
جيشا و نزل به إلى القصر.[5]
ونشبت معركة حقيقية بمدينة القصر
الكبير و ضواحيها بين المحلة السلطانية التي كان يقودها القائد الأسود الفرجي
البخاري و بين قبيلتي الخلوط و الطليق بقيادة بوسلهام الكرط الخلطي الا ان انحياز
اعيان قبيلة الطليق و استسلامهم للقائد الفرجي ادى الى اندحار القوات الخلطية و
فرار بوسلهام الكرط الى قبيلة بني عروس و استجارته بضريح مولاي عبد السلام بن
مشيش.
و رغم ذلك فسيتم القبض عليه و
تقييده و إرساله إلى المولى عبد الرحمان لتنتهي
فصول ما يسمى بعيطة الفرجي التي تعتبر احدى اهم التمردات التي خاضتها قبيلة الخلوط
ضد السلطة المخزنية.
و قد أرخ لهذه الواقعة الشهيرة
الاستعماري ميشو بلير و جعلها منطلقا للتاريخ السياسي للقبيلتين في القرن التاسع
عشر الذي صاغه في دراسته حول القبائل العربية بحوض اللكوس.
[1] توفي الباشا بوسلهام بن
علي ازطوط سنة 1267 هجرية الموافق لسنة 1851 ميلادية حيث أورد صاحب إتحاف المطالع في
وفيات القرن الثالث عشر و الرابع في باب وفيات سنة 1267 هجرية ( وفيه توفي بوسلهام
بن علي ازطوط علامة مشارك توفي ببلده) تنسيق محمد حجي – موسوعة أعلام المغرب –
الجزء السابع – دار الغرب الإسلامي - ص 2592
[2] اسرة بن عودة السفيانية
أسرة مخزنية شهيرة بالغرب تعاقب فيهم عدد كبير من الباشاوات و القواد و الأمناء و
قادة الجيش منذ عهد المولى إسماعيل وقرية بن عودة التي تنسب للقائد محمد بن عودة
مشهورة بضاحية مدينة سوق أربعاء الغرب.
[3] في كتابه
القبائل العربية بحوض اللكوس نسب ميشو بلير القائد محمد بن عبد السلام الى قرابة
المولى عبد الرحمان وهذا غير صحيح ذلك لان انتماءه للشرفاء العلويين او قرابته
للسلطان ما كان ليثير حفيظة الخلطيين مثلما هو الحال مع نسبه السفياني.
[4] أورد هذه
الأسماء ميشو بلير في كتاب حول القصر الكبير
مدينة من إقليم الشمال الغربي – الأرشيف المغربي الجزء الثاني 1905 – ص 33-
إلا انه اخطأ في تاريخ وقوع الانتفاضة
المسماة بعيطة الفرجي حيث أورد أنها حدثت سنة 1845 ميلادية بعد وفاة الباشا
بوسلهام بن علي ازطوط و هذا غير صحيح لان الباشا بوسلهام بن علي ازطوط لم يتوفى في
هذا التاريخ بل توفي سنة 1851 ميلادية.
[5] ذكر ابن
سودة صاحب إتحاف المطالع أن القائد الفرجي البخاري توفي سنة 1300 هجرية – موسوعة
أعلام المغرب –مرجع سابق- ص 2677.
شكرا أخي العزيز بدر الدين الخمالي على مجهوداتك القيمة، فعلا عمل متميز يدكرنا بتاريخ منطقتنا، ادا سمحتم لي أريد التواصل معكم
RépondreSupprimer