الترجمة الوافية للعلامة مولاي محمد بن محمد الجباري الحسني


الترجمة الوافية للعلامة مولاي محمد بن محمد الجباري الحسني
بدرالدين الخمالي

بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام الاتمان الاكملان على سيدنا و مولانا محمد
 وعلى اله و صحبه و سلم تسليما
اما بعد
فلطالما شغلتنا مسألة كتابة ترجمة وافية لمولانا الجد العلامة الصوفي العارف بالله مولاي محمد الجباري الحسني و كنا في ذلك متهيبين وجلين امام جلال المهمة و عظمها انطلاقا من مبدأ اساسي يحكم كتابة السيرة و التراجم الغيرية الا وهو ضرورة تحري الدقة و الموضوعية و المنهجية العلمية مخافة أن لا نفي بترجمة وافية مكتملة للعلامة مولاي محمد الجباري وهو خوف منطلقه الرغبة في استيفاء المعلومات و المعطيات الكاملة و توثيقها كما يجب و استحضار المراحل المختلفة لحياة مولانا الجد و التي تقاسمتها ثلاثة مدن و هي مدينة القصر الكبير حيث رأى النور سنة 1916 و مدينة فاس حيث التحق بها سنة 1933 للدراسة بجامعة القرويين و نيل شهادة العالمية ثم عودته لمدينة القصر الكبير سنة 1940 و توليه خطة العدالة الى سنة 1953 حيث سينتقل لمدينة العرائش بعد تعيينه أستاذا بالمعهد الديني و هي المراحل التي استدعت ضرورة جمع المعطيات والوثائق الخاصة بها و تصنيفها من اجل كتابة سيرة موثقة
و من جهة أخرى استحضار الانتماء الصوفي لمولانا الجد للطريقة الكتانية و راثة عن والده الامام العالم التقي الورع قيم المسجد الأعظم بمدينة القصر الكبير مولانا محمد بن محمد الجباري الحسني نفعنا الله ببركته الذي أخذ الطريقة مباشرة من الشيخ مولانا محمد بن عبد الكبير الكتاني.
و ما بذله من جهد في خدمة الطريقة الكتانية بشمال المغرب و الزاوية الكتانية بمدينة القصر الكبير و كذا بمدينة العرائش حيث كان منزله قبلة لمشايخ الطريقة و مريديها.
و قد اسعفتنا في ذلك الرسائل و المراسلات و المكاتبات التي كانت بينه و بين شيوخ الطريقة الكتانية المتعاقبين و خاصة المراسلات بينه و بين الشيخ محمد عبد الحي الكتاني و المراسلات بينه وبين الشيخ محمد الباقر الكتاني و أخيه الشيخ محمد المهدي الكتاني ثم ابناءهما من بعدهما
اما النشاط العلمي و الدعوي لمولانا الجد فقد كان حافلا بين توليه للإمامة و الخطابة و بين التاليف العلمي و التدريس بالمعهد الديني و المساهمة الفاعلة في أنشطة رابطة علماء المغرب و جمعيات المديح و السماع بمدينة العرائش.
اما في المجال السياسي فقد كان لمولانا الجد و بحكم العلاقات الوطيدة التي جمعته باسرة الطود و خاصة العلامة السي المهدي الطود صلات وطيدة بحزب الاصلاح الوطني الذي كان يترأس فرعه بالقصر الكبير الغالي الطود و كذا حزب الشورى و الإستقلال.

وقد كانت لمولانا الجد مواقف سياسية واضحة من الاستعمار جسدتها خطبه المنبرية التي دافع فيها باستماتة عن شرعية الملك محمد الخامس و عودته من المنفى بالاضافة الى دعوته الى مقاومة الاستعمار الاسباني و الفرنسي و تحرير المغرب من ربقة الاحتلال.(وثائق مرفقة)
وفي عهد الاستقلال استمرت علاقة مولانا الجد بحزب الشورى و الاستقلال بالرغم من انه لا يمكننا الجزم بانخراطه الفعلي في الحزب الا انه ظل يتوصل بالنشرات الداخلية للحزب التي تتحدث عن الوضعية السياسية للحزب و المعارك التي كان يواجهها و الوضعية السياسية للمغرب في تلك الفترة – الستيتيات – و هي ضمن مجموعة من الوثائق المرفقة بهذه الترجمة.
كما ان مولاي محمد الجباري سيكون له في فترة السبعينيات تجربة انتخابية بالانتخابات الجماعية بمدينة العرائش بصفة مستقلة و هي الانتحابات الجماعية التي نعتقد ان الطريقة الكتانية شجعت الكثير من مريديها للمشاركة فيها و هي تجربة نادرة في التاريخ السياسي المغربي جديرة بالوقوف عندها و تتعلق بمحاولة الزوايا لاقتحام المشهد الانتخابي بعد التطورات المريرة التي كانت تعرفها الحياة السياسية في المغرب.
لم تمر المواقف السياسية لمولانا الجد و خاصة العلاقة مع حزب الشورى و الاستقلال دون ان تكون لها انعكاساتها على حياته الوظيفية كاستاذ بالمعهد الديني بالعرائش حيث سيتم تنقيله تعسفيا الى مدرسة لالة منانة للبنات بالعرائش في فترة كان كل من له علاقة بحزب الشورى و الاستقلال ينال حظه من التعسف و الاضطهاد و هذا ما لحق بعدد كبير من اعلام اسرة الطود بمدينة القصر الكبير و العرائش و هو ما سنحاول كذلك تسليط الضوء عليه في هذه الترجمة.
اما النشاط الدعوي لمولاي محمد الجباري فقد كان حافلا منذ عودته من القرويين اذ سيتولى في بداية الامر الامامة بالمسجد الاعظم بمدينة القصر الكبير و نظرا لانتماءه للطريقة الكتانية فقد كان يصلى بالقبض و هذا ما اثار عليه ناظر اوقاف مدينة القصر الكبير انذاك الذي حاول ثنيه عن الصلاة بالقبض و قد دارت بين مولانا الجد و ناظر الاوقاف مناظرة حول القبض في الصلاة كما رواها لي مولانا الجد رحمه الله استدل فيها بصفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم و صفة صلاة الامام مالك افحم فيها الناظر الذي لم يجد بدا من ان يقول له ( اذا اردت الصلاة بالقبض فصلي بالناس في الزاوية الكتانية و ليس بالمسجد الاعظم) و هو ما ادى الى ان يترك مولانا الجد الامامة بالمسجد الاعظم بالقصر الكبير و يتولى الامامة و الخطابة بدوار اولاد سدرة بقبيلة الخلوط ضاحية القصر الكبير حيث سيكون هذا الامر فتحا دعويا عظيما بحيث سيؤدي لانتشار الطريقة الكتانية بشكل كبير في تلك الربوع و ستظهر الزوايا الكتانية تباعا في قبيلتي الخلوط و الطليق في دوار اولاد سدرة و دوار الخضاضرة و عرباوة و المناضرة و الرزيكات و اولاد زيتون.
و هي الدواوير التي تتموقع على طول الشريط الحدودي الوهمي الذي كان يفصل المنطقة الخليفية الخاضعة للحماية الاسبانية عن المنطقة السلطانية  الخاضعة للحماية الفرنسية و التي ستشهد نشاطا مكثفا للمقاومة الوطنية في نقل وتهريب السلاح لخلايا المقاومة و قد ساهم مريدو الطريقة الكتانية في هذا النشاط بكثافة وخاصة مقدم الزاوية الكتانية بالمناظرة المقاوم سيدي محمد الغرباوي رحمه الله.(وثائق مرفقة)
وقد استمر هذا النشاط الدعوي بعد انتقاله لمدينة العرائش سنة 1953 حيث سيتولى مولاي محمد الجباري الخطابة بمسجد الانوار و بمسجد الجامع الجديدة كما انه من المؤسسين لجمعية المديح و السماع بمدينة العرائش رفقة الاستاذ المفضل التدلاوي.
كما كان بتم استدعاء مولاي محمد الجباري بشكل رسمي لحضور المواسم الدينية بالقصر الملكي العامر بالرباط كذكرى وفاة الملك محمد الخامس او الدروس الحسنية كما شارك  بعدد من مؤتمرات رابطة علماء المغرب و تولى امانة فرع الرابطة بمدينة العرائش.
اما نشاطه العلمي و موءلفاته فقد وجدنا ان اغلبها مخطوط بيده لم يتسنى طبعه و لا نشره فقمنا بجمعها و تصنيفها و هي في اغلبها حول التصوف و الاذكار الماثورة و كثير من الرسائل ببينه و بين شيوخ الطريقة الكتانية و المريدين ثم كناشة خاصة به تتضمن نسخا من العقود و الاشهادات التي تولى الاشهاد عليها عند ممارسته لخطة العدالة بمدينتي القصر الكبير و العرائش.
و قد اثرنا في هذه الترجمة ان نصحبها بعدد كبير من الوثائق و المعطيات التي تؤرخ لحياة العلامة مولاي محمد الجباري و سيرته وكذا الاحداث التي عاصرها و كان له دور فيها و قمنا بتقسيم هذه الترجمة الى عدة محاور كالتالي

1-              التعريف بمولاي محمد الجباري و بالاسرة الجبارية
2-              مولده بمدينة القصر الكبير
3-              التعريف بوالده مولاي محمد الجباري و والدته لالة عائشة الجباري
4-              دراسته
5-              توليه الامامة بالمسجد الاعظم بمدينة القصر الكبير
6-              توليه خطة العدالة
7-              توليه للتدريس بالمعهد الديني بالعرائش
8-              تصوفه و انتماءه للطريقة الكتانية
9-              مواقفه السياسية
10-        نشاطه العلمي و الدعوي

11-        و فاته يمدينة العرائش    

Commentaires