نهاية ولاية باشا العرائش احمد بن التهامي على قبيلتي الخلوط و الطليق



نهاية ولاية باشا العرائش احمد بن التهامي على قبيلتي الخلوط و الطليق
بدرالدين الخمالي


في سنة 1889 سيتولى احمد بن التهامي التالوني منصب باشا مدينة العرائش و ولاية قبيلتي الخلوط و الطليق و ال سريف خلفا لخاله الباشا المكي ازطوط.
لم تكن هذه المهمة بالأمر الهين نظرا لما كان يعرفه المغرب و المنطقة الشمالية من توترات و انتفاضات بالغة الخطورة و التي دعت المولى الحسن الأول للقيام بزيارته الشهيرة لشمال المغرب و شملت مدن تطوان و طنجة و أصيلا و العرائش و القصر الكبير و قبيلة بني عروس وضريح مولاي عبد السلام بن مشيش من اجل تجديد الروابط بين اهل المنطقة و العرش العلوي.
و لم تمضي سوى سنتين على هذه الزيارة حتى انتفضت قبيلة ال سريف على سلطة المخزن و هددت باكتساح المجال السهلي و مهاجمة مدينة القصر الكبير مما دعا المولى الحسن الأول لإرسال حركة عسكرية سنة 1893 بقيادة أخيه الأمير مولاي الأمين لإخضاع ال سريف.
لم يستطع المولى الأمين برغم كل التعزيزات العسكرية التي كانت تتمتع بها محلته القضاء على تمرد قبيلة ال سريف و استمر لمدة طويلة معسكرا بالمنزه بمدينة القصر الكبير غير قادر على التقدم باتجاه القبيلة الجبلية المتمردة.
وقد زاد الطين بلة انتفاضة قبيلتي الخلوط و الطليق كذلك بسبب انتشار العصابات و قطاع الطرق مما وضع الباشا احمد بن التهامي في وضع لا يحسد عليه.
لكن الواقعة التي قصمت ظهر الباشا التالوني و تسببت في الإطاحة به هي واقعة السفير الفرنسي الكونت دو بيني Jules Ludovic Henrys رئيس البعثة الدبلوماسية الفرنسية بطنجة.
ففي اكتوبر من سنة 1893 سيقرر السفير الفرنسي Le comte d’Aubigny زيارة المولى الحسن الأول بفاس من اجل إبرام الاتفاقية التجارية المغربية الفرنسية و قد تصادف مروره بثلاثاء ريصانة بمجال قبيلة الخلوط مع الاضطرابات و الانتفاضات القبلية التي كانت تشهدها المنطقة.
ولأمر ما لم يقم الباشا احمد بن التهامي بلقاء السفير الفرنسي عند حدود ولايته و مرافقته كما جرت العادة عند مرور الوفود الدبلوماسية بمجال القياد و الباشاوات كما لم يقدم له المؤونة اللازمة لرحلته.
في حين تكفل الشرفاء الريسونيين بدوار العماير الكوحل باستضافة موكب السفير الفرنسي حيث بات ليلته بالدوار المذكور قبل أن يواصل مسيرته في اليوم الموالي نحو مدينة القصر الكبير.
حيث وجد الباشا احمد بن التهامي في استقباله إلا أن السفير الفرنسي اعتبر ذلك إخلالا بالبرتوكول الدبلوماسي و رفض مقابلة الباشا احمد بن التهامي كما رفض تسلم المؤونة التي احضرها معه و قام بالمقابل بإرسال برقية مستعجلة إلى فرنسا يخبرهم فيها بإخلال المخزن بالعلاقات الدبلوماسية بين الدولتين مما سبب بأزمة دبلوماسية لن تنتهي إلا بالإطاحة برأس احمد بن التهامي و عزله من منصب الباشوية.
يذهب ميشو بلير إلى القول بان ما حدث كان بتدبير من المولى الأمين الذي كان يريد ابتزاز الباشا احمد بن التهامي لكي يدفع له المال من اجل استمراره في منصبه إلا أن واقع الأمر يبدو اكبر من مجرد عملية ابتزاز روتينية.
لان المولى الأمين كان يحمل على ظهره وزر الهزيمة القاسية التي تكبدتها محلته في مواجهة قبيلة ال سريف التي تخضع عمليا لسلطة الباشا احمد بن التهامي لذلك كان بحاجة ماسة إلى تقديم رأس احدهم لتحمل المسؤولية بدل رأسه خاصة وانه كان يأخذ عليه عدم تقديم المساعدة اللازمة لإخماد التمرد الجبلي ولذلك فقد استغل مرور السفير الفرنسي بالمنطقة لكي يتسبب في عزله و الإطاحة به.
لم يتوقف رد فعل السفير الفرنسي عند هذا الحد بل انه عمد الى رفض الدخول الى فاس الى حين التوصل باعتذار رسمي من المخزن و اعتذار شخصي من الباشا احمد بن التهامي.
و بعد تدخل السفير المغربي بباريس عبد المالك السعيدي استطاع اقناع السفير الفرنسي بدخول مدينة فاس و استدعاء الباشا احمد بن التهامي على عجل من اجل تقديم اعتذاره للسفير و محاكمته على إخلاله الخطير و عزله من منصبه.
لقد كان احمد بن التهامي ضحية للضغوط الاجنبية التي كان يتعرض لها المغرب خلال هذه الفترة وذلك من اجل منح الامتيازات و توسيع مجال الحمايات و إبرام الاتفاقيات التجارية مع الدول الأجنبية و قد استغل السفير الفرنسيLe comte d’Aubigny هذه الحادثة بشكل ماكر و خبيث من اجل الضغط على المخزن المغربي من اجل إبرام الاتفاقية التجارية التي منحت فرنسا امتيازات تجارية و جمركية.
كانت نهاية الباشا احمد بن التهامي التالوني ايذانا بسطوع نجم الباشا عبد القادر بن الحاضي الخلخالي الذي سيتم تعيينه قائدا على قبيلتي الخلوط و الطليق و سيتم تكليفه بإخماد انتفاضة قبيلة ال سريف و قبيلة بني جرفط و هو ما سينجح فيه بشكل باهر لكي تمتد ولايته لتشمل قبيلة ال سريف و بني جرفط و مدن وزان و قبيلة مصمودة و القصر الكبير و أصيلة.
الصورة المرفقة هي صورة نادرة للسفير الفرنسي لوكونت دو اوبيني

Commentaires