ظهير إحداث الجماعة القروية لثلاثاء ريصانة في عهد الحماية الاسبانية
بدرالدين الخمالي
بعد استتباب الأوضاع الأمنية و
العسكرية للاستعمار الاسباني في شمال المغرب عمد إلى تنظيم الشؤون الأهلية و
المدنية و بدء عملية التقسيم الترابي و الإداري فيما أصبح يسمى بالمنطقة الخليفية
التي كان يتولى تدبير شؤونها نيابة عن المخزن خليفة سلطاني بمدينة تطوان تحت وصاية
المندوب السامي الاسباني.
حيث كان الهدف الذي يسعى إليه
الاستعمار الاسباني هو تمكين الإدارة الاستعمارية و المعمرين من الاستفادة الكاملة
من الثروات الاقتصادية و البحرية و الفلاحية و المعدنية التي تزخر بها المنطقة و وضع نظام إداري و
ترابي كفيل بضمان التدبير الأمثل للنشاط الصناعي و الفلاحي و التجاري و من تم خلق الجماعات
الترابية و البلديات التي اسند إليها الاختصاصات المتعلقة بالتدبير المحلي و منح
الرخص و التخطيط العمراني و الجبايات.
و لذلك تم في البداية تقسيم
المنطقة إداريا و عسكريا إلى خمس نواحي و هي 1- الناحية الجبلية 2- الناحية
الغربية أو ناحية اللكوس 3- الناحية
الغمارية 4- ناحية الريف 5- الناحية الشرقية أو ناحية الكرت.[1]
و قد استبقى في البداية على
التقسيم القبلي داخل هذه النواحي الإدارية و استمر على نهج تعيين الباشاوات و
القواد و القضاة بناء على الترتيب المخزني السابق- الباشاوات في المدن و القواد على القبائل و قضاة
المدن و خلفاؤهم و قضاة القبائل.
و سيستمر هذا النهج إلى أربعينيات
القرن العشرين حيث سيعمد إلى إحداث البلديات أو ما يسمى بالجماعات الترابية
الجديدة و فروعها خاصة في البوادي التي كانت تتميز بانعقاد الأسواق الأسبوعية بها.
و قد كانت الناحية الغربية أو
ناحية اللكوس التي تعتبر مدينة العرائش عاصمة لها إحدى أهم المجالات الترابية
بالنسبة للاستعمار الاسباني نظر لأهميتها الإستراتيجية بحكم حدودها الجغرافية و
السياسية مع منطقة الحماية الفرنسية و غنى مواردها الفلاحية و الطبيعية و كتلتها
البشرية و قبائلها التي كانت تعتبر قطب الرحى في المقاومة العسكرية.
و من بين هذه القبائل قبيلتي
الخلوط و الطليق التي تم تقسيمها ترابيا في البداية بحسب التجمعات الكبرى التي
كانت تنعقد بها الأسواق الأسبوعية بدل التقسيم القديم الذي كان يعتمد على تقسيم
الفرق بحسب النسب القبلي.[2]
و هكذا أصبحت قبيلتي الخلوط و
الطليق تنقسمان إلى عشر فرق و هي التي ستتكون منها فيما بعد الجماعات القروية
المعروفة و هي كالتالي 1- فرقة جامع الطلبة الجنوبية 2- فرقة جامع الطلبة الشمالية
3- فرقة القصر الضواحي 4- فرقة قصر بجير او القصر الحدودي 5- فرقة القصر الدهس 6-
فرقة العوامرة الشرقية 7- فرقة العوامرة الغربية 8- فرقة العوامرة الغربية 9- فرقة
ثلاثاء ريصانة الشمالية 10- فرقة ثلاثاء ريصانة الجنوبية.
وقد تم اعتماد هذا التقسيم في ضابط
حول تنظيم وسير أعمال اللجان القروية لفرق وجماعات المنطقة وفهرس القبائل و
المداشر التي تكونها و الذي نشرته نيابة الأمور
الوطنية التابعة للمندوبية السامية لاسبانيا في المغرب سنة 1953.[3]
و كانت من الإرهاصات الأولى لهذا
التقسيم هو إحداث ما يسمى بالفروع البلدية القروية التابعة لبلديات المدن و خاصة
مدينة العرائش التي أحدثت لبلديتها عدد من الفروع البلدية بالمجال القروي.
وقد كانت عضوية هذه البلديات حصرا
على المعمرين الأسبان الذين كانوا يقومون بإدارة البلديات و المدن و التخطيط العمراني
في حين استمر تدبير شؤون المواطنين المغاربة من اختصاص الباشاوات و القياد و
القضاة دون ان يكون لهم أي دو أو مشاركة في عملية التدبير الاقتصادي و الاجتماعي و
العمراني و الجبائي المحلي.
أما أول فرع بلدي قروي في الناحية
الغربية فهو جماعة ثلاثاء ريصانة التي تعتبر أول جماعة قروية في مجال قبيلتي
الخلوط و الطليق حيث تم إحداثها من اجل منح تمثلية محلية للمعمرين الأسبان الذين
استقروا بالمنطقة وذلك بموجب ظهير خليفي
مؤرخ في 14 ذي الحجة سنة 1363 الموافق ل 4 دجنبر 1944 .
حيث صدر بالجريدة الرسمية لمنطقة
الحماية الاسبانية بالمغرب BOLETÍN OFICIAL DE
ZONA DE INFLUENCIA ESPAÑOLA EN MARRUECOS EN ARABE
( ظهير بتأسيس فرع مدني ملحقا بالمجلس البلدي بالعرائش الذي جاء
فيه : الحمد
لله و حده ولا يدوم إلا ملكه
يعلم من هذا الكتاب الشريف و الأمر
العلي المنيف انه حيث قد تالف في المحل المعروف ثلاثاء ريسانة فوج من المعمرين يفي
بتأليف فرع بلدي و من المنتظر نحو هذا الفوج و لأجله تبينت مناسبة تنظيم حياة
اقتصادية إدارية بلدية بالنظر الى المستقبل و لهذا نضع حجر الأساس لما عسى ان يكون
فيما بعد مركزا مهما للزراعة و الماشية و لتكوين هيئة البلدية و استشارة ذوي
الصلاحية من إدارة الدولة الحامية نأمر بما يأتي :
أولا – القرية المؤسسة في المحل
المذكور تعتبر في جميع الحالات فرع بلدي لمجلس بلدية العرائش على أن يعين له رئيس
بلدي سنوي من بين المعمرين المذكورين من أعضاء مجلس بلدية العرائش
ثانيا- تطبق على هذه القرية التقريرات البلدية التي
يصدرها مجلس بلدية العرائش إذا اعتبرت مناسبة لذلك
ثالثا- يجب تطبيق كل ما هو مقرر
الآن فيما يرجع لضرائب المخزن ضمن المنطقة البلدية
رابعا – تعين بواسطة قرار وزيري
منطقة هذه القرية البلدية الجديدة و دائرتها و المباني التابعة لها.
و الواقف عليه يعلمه و يعمل به و
السلام
صدر به أمرنا في 14 ذي الحجة عام
1363 موافق 4 دجنبر 1944
عاينت الظهير الذي أصدره بتاريخه
سمو الخليفة المعظم مولاي الحسن بن المهدي فأعملته و أوجبت العمل به - المندوب السامي لويس اورغاس)[4]
كما صدر قراران وزيريان لتنفيذ
الظهير المذكور الأول يتعلق بتأسيس إدارة بلدية و مقاطعة ثلاثاء ريصانة بتاريخ 4
دجنبر 1944 حيث جاء في ديباجته ( ...يعلم من هذا الكتاب الممضي باسمنا بصفة رياسة
الوزارة و اعتماد رتبة الصدارة ان بعد الاطلاع على الظهير الصادر بتاريخه بتأسيس
فرع بلدي بالمحل المعروف بثلاثاء ريسانة بقبيلة الخلوط بمقاطعة اللكوس و تنفيذا
لنص فصله الرابع و بعد استشارة ذوي الصلاحية من إدارة الدولة الحامية نأمر بما يلي
1- المدار البلدي لهذه القرية الجديدة هو الآتي – جميع ملك المخزن المعروف بثلاثاء
ريسانة و الأرض المملوكة للدولة الاسبانية
الواقعة بنفس المحل ...الخ )[5]
أما القرار الثاني فيتعلق بزيادة
عدد أعضاء المجلس البلدي بالعرائش حيث جاء فيه (...يعلم من هذا الكتاب الممضي
باسمنا بصفة رياسة الوزارة و اعتماد رتبة الصدارة بعد الاطلاع على الظهير الصادر
بتاريخه بتأسيس فرع بلدي بالمحل المعروف بثلاثاء ريسانة بقبيلة الخلوط بمقاطعة
اللكوس يلحق بمجلس بلدية العرائش في كافة ما له علاقة بالأمور البلدية و نظرا
لمناسبة تعيين احد معمري المركز المذكور لينوب عن الفرع السابق الذكر في المجلس
المشار إليه و بعد استشارة ذوي الصلاحية من إدارة الدولة الحامية قررنا ما يأتي
1-
ينظم الى عدد الأعضاء الاسبانيين مجلس بلدية العرائش عضو
اخر ينوب عن الفرع البلدي المؤسس بثلاثاء ريسانة تكون له جميع الحقوق و الواجبات
المقررة للأعضاء في الضابط البلدي للمنطقة الجاري العمل به
إن قراءة و تقديم هذا الظهير و
القرارات الوزيرية التنفيذية المتعلقة بها يمنحنا مجالا جديدا للبحث على مستوى
جينيالوجيا البنيات الإدارية و الترابية
بالمنطقة الشمالية و إقليم العرائش على وجه الخصوص و عملية الانتقال من
التقسيم العتيق المنبني على القبيلة إلى التقسيم الإداري المعاصر المبني على
الجماعات الترابية و المحلية.
كما يمكننا من تتبع التطور
القانوني الذي عرفته الجماعات القروية بإقليم العرائش و جماعة ثلاثاء ريصانة على
وجه الخصوص منذ صدور ظهير تأسيسها الذي قمنا بتقديمه في هذه الدراسة المختصرة إلى
حين صدور ظهير 4 دجنبر 1959 بشان التقسيم الإداري للمملكة المغربية الذي قسم إقليم
تطوان إلى ست دوائر منها دائرة العرائش و دائرة القصر الكبير حيث جعل جماعة ثلاثاء
ريصانة تابعة لدائرة القصر الكبير عوض تبعيتها للمجلس البلدي للعرائش كما كان
الحال إبان الحماية الاسبانية.[7]
و تنظيم أول انتخابات جماعية بها سنة
1960 طبقا للظهير الشريف رقم 1-59-161 بشان انتخاب المجالس الجماعية و التي أسفرت
لأول مرة عن مجلس جماعي بثلاثاء ريصانة
مكون من المغاربة فقط بعد أن كان حكرا على المعمرين الأسبان.
[1] محمد داوود – تاريخ تطوان – المجلد الحادي عشر – مطبعة الخليج العربي – تطوان ط
الأولى - 2009 – ص 12
[3] ضابط حول تنظيم وسير أعمال اللجان القروية لفرق وجماعات المنطقة وفهرس
القبائل و المداشر - نيابة الأمور الوطنية
التابعة للمندوبية السامية لاسبانيا في المغرب -
تطوان - 1953
[5] قرار وزيري بتأسيس ادارة بلدية و مقاطعة مدينة مدشر ثلاثاء ريسانة - الجريدة
الرسمية لمنطقة الحماية الاسبانية بالمغرب السنة 32 العدد الأول 10 يناير 1945 -
مطبعة تطوان ص 36
[6] قرار وزيري بزيادة عضو على عدد الأعضاء الاسبانيين في مجلس بلدية العرائش
الجريدة الرسمية لمنطقة الحماية الاسبانية بالمغرب السنة 32 العدد الأول 10 يناير
1945 - مطبعة تطوان ص 38
[7] الظهير
الشريف رقم 351.59.1 بشان التقسيم الاداري للمملكة المغربية - الجريدة الرسمية عدد2458 بتاريخ 4 دجنبر 1959
Commentaires
Enregistrer un commentaire